للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمعايش أولى من بطالة المتصوفة، والوقوف على النصوص أولى من شُبهات المتخيلة المتوهمة.

وقد خبرت طريق الفريقين، غاية هؤلاء الشك، وغاية هؤلاء الشطح».

قال: «والمتكلمون عندي خيرٌ من المتصوفة؛ لأن المتكلمين مؤداهم مع التحقيق مزيد الشكوك في حق بعض الأشخاص، ومؤدى المتصوفة إلى توهم الأشكال والتشبيه، وهو الغاية في الإبطال، بل هو حقيقة المحال.

ما يُسقط المشايخ من عيني (١) ـ وإن نبلوا عند الناس أقدارًا وأنسابًا وعلومًا وأخطارًا ـ إلَّا قول العاقل منهم إذا خُوطب بمقتضى الشرع: عادتنا كذا. يشير إلى طريقة قد قننوها لأنفسهم تخرج عن سَمْتِ (٢) الشرع. قد اختلقوا طريقةً، واستحدثوا رسومًا، وكل مُختلَقٍ مُستحدَثٍ فبدعةٌ، و (٣) الاستمرار على ترك السُّنن خذلان، قال أحمد - رضي الله عنه - وقد سُئل عن رجلٍ استمر على ترك الوتر: «هذا رجلُ سَوءٍ» (٤).

إياك أن تتبع شيخًا يقتدي بنفسه ولا يكون له إمامٌ يُعزى إليه ما يدعوك إليه، ويتصل ذلك [ق ١٠٩ أ] بشيخٍ إلى شيخٍ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الله الله! الثقة بالأشخاص ضلال، والركون إلى الآراء ابتداع، اللين والانطباع في الطريقة مع السُّنَّة أحب إليَّ من الخشونة والانقباض مع البدعة. لا يُتقَرَّب إلى الله تعالى بالامتناع ممَّا لم يمنع منه، كما لا يُتقَرَّب إليه بعمل ما لم يأذن فيه.


(١) «ح»: «عين». والمثبت من «درء التعارض».
(٢) «ح»: «سمعت». والمثبت من «درء التعارض».
(٣) بعده في «درء التعارض»: «لو كان في ترك النوافل لأن».
(٤) «مسائل الإمام أحمد» رواية ابنه صالح (٢٠٦، ٢٨٤).