للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العوام، ويحتج به على أشباه الأنعام. فما أعظم على الناس فتنته! وما أشدَّ على الدِّين محنته!

يقول أتباعه المفتونون وحزبه المغرورون: نُسلِّم إلى الشيخ طريقته. وأيُّ طريقة مع الشرع؟ هل أبقت الشريعة لقائلٍ مقالًا، أو لمتصرفٍ بعدها مجالًا؟ وهل جاءت إلَّا بهدم العوائد ونقض الطرائق؟

ما على الشريعة أضرُّ من مبتدعة المتكلمين وجهلة المتصوفين. هؤلاء يُفسدون العقول بتوهمات وشُبهات تُشبه المعقول، وهؤلاء يُفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان (١). يحبون البطالات، والاجتماعات على اللذات، وسماع الأصوات المشوِّشات للمعايش والطاعات. وأولئك (٢) يُجرِّئون الشباب والأحداث على البحث وكثرة (٣) السؤال والاعتراضات، وتتبع الشرع بالمعارضات والمناقضات.

وما عرفنا للسلف الصالح أحوال أولئك البطالين أصحاب الشهوات، ولا أقوال (٤) هؤلاء المتكلمين أرباب الشُّبهات، بل كانوا عبيد إيمانٍ وتسليمٍ، عن معرفةٍ تامةٍ، وبصيرةٍ نافذةٍ، وجدٍّ وتشميرٍ في الطاعات.

فنصيحتي لإخواني من المؤمنين الموحِّدين ألَّا يقرع أبكار (٥) قلوبهم كلام المتكلمين، ولا تصغي مسامعهم إلى خرافات المتصوفين، بل الشغل


(١) «ح»: «الأزمان». والمثبت من «درء التعارض».
(٢) «ح»: «أولئك». والمثبت من «درء التعارض».
(٣) «ح»: «والتنزه». والمثبت من «درء التعارض».
(٤) في «درء التعارض».
(٥) «ح»: «أبصار». والمثبت من «درء التعارض».