للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفى أن يكون له مثلٌ في الحال والماضي والمستقبل.

وقال الآخر (١):

وَلَمْ أَقُلْ مِثْلُكَ أَعْنِي بِهِ ... سِوَاكَ يَا فَرْدًا بَلَا مُشْبِه

ومنه قولهم: فلان نسيجُ وحدِه. شبهه بثوبٍ لم يُنسَج له نظيرٌ في حُسنه وصفاته (٢).

فعكسَ المعطلةُ المعنى، وقلبوا الحقائقَ، وأزالوا دلالة اللفظ عن موضعها، وجعلوا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ٩] جُنَّةً وتُرسًا لنفي علوِّه سبحانه على عرشه وتكليمه لرسله وإثبات صفات كماله.

وممَّا ينبغي أن يُعلم أن كل سلبٍ (٣) ونفيٍ لا يتضمن إثباتًا فإن الله لا يُوصف به؛ لأنه عدمٌ محضٌ، ونفيٌ صرفٌ، لا يقتضي مدحًا ولا كمالًا ولا تعظيمًا. ولهذا كان تسبيحُه وتقديسه سبحانه متضمِّنًا لعظمته ومستلزِمًا لصفات كماله ونعوت جلاله، وإلَّا فالمدح بالعدم المحض كلا مدحٍ. والعدم في نفسه ليس بشيءٍ يُمدح به ويُحمد عليه، ولا يكسب القلب عِلمًا بالمذكور ولا محبةً وقصدًا له.

ولهذا كان عدم السِّنَة والنوم مدحًا وكمالًا في حقِّه سبحانه؛ لتضمنه (٤)


(١) البيت للمتنبي، وهو في «ديوانه» (ص ٥٧٦).
(٢) ينظر: «الزاهر في معاني كلمات الناس» لابن الأنباري (١/ ٢٣١) و «الصحاح» (١/ ٣٤٤).
(٣) «ح»: «شاب». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «المتضمنة». والمثبت من «م».