للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رماحنا. فهذا هو التأويل الباطل المخالِف لحقيقة اللفظ وظاهره؛ فإن الذي قتله هو الذي باشَرَ قتْلَه، لا مَن استنصر به. ولهذا ردَّ عليهم مَن هو أولى بالحق والحقيقة منهم؛ فقالوا: فيكون رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هم الذين قتلوا حمزة والشهداء معه؛ لأنهم أتوا بهم حتى أوقعوهم تحت سيوف المشركين.

ومن هذا قول عروة بن الزبير لمَّا روى حديث عائشة: «فُرضت الصلاةُ ركعتين ركعتين، فزِيدَ في صلاة الحضر، وأُقرَّت صلاةُ السفر. فقيل له: فما بال عائشة أتمَّت في السفر (١)؟ قال: تأوَّلت كما تأول عثمان» (٢). وليس مراده أن عائشة وعثمان تأوَّلا آية القصر على خلاف ظاهرها، وإنما مراده أنهما تأولا دليلًا قام عندهما اقتضى جوازَ الإتمام فعملا به، وكان عملُهما به هو تأويلَه، فإن العمل بدليل الأمر هو تأويله، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتأول قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاَسْتَغْفِرْهُ} [النصر: ٣] بامتثاله بقوله:


(١) «فقيل له فما بال عائشة أتمت في السفر» ليس في «ب».
(٢) أخرجه البخاري (١٠٩٠) ومسلم (٦٨٥).