للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» (١). وكأن عائشة وعثمان تأوَّلا قوله: {فَإِذَا اَطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا اُلصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٢] وإنَّ إتمامها من إقامتها.

وقيل: تأوَّلت عائشة أنها أُم المؤمنين، وأن أُمهم حيث كانت فكأنها مقيمة بينهم، وأن عثمان كان إمامَ المسلمين، فحيث كان فهو منزله. أو أنه كان قد عزم على الاستيطان بمنى، أو أنه كان قد تأهَّل بها، ومَن تأهَّل (٢) ببلدٍ لم يثبت له حُكم المسافر. أو أن الأعراب كانوا قد كثروا في ذلك الموسم، فأحبَّ أن يعلمهم فرض الصلاة وأنه أربعٌ. أو غير ذلك من التأويلات التي ظنَّاها أدلةً مقيِّدة لمطلق القصر أو مخصصة لعمومه، وإن كانت كلها ضعيفة.

والصواب هَدْيُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان إمامَ المسلمين، وعائشة أُم المؤمنين في حياته وبعد وفاته، وقد قَصَرَت معه، ولم يكن عثمان لِيقيمَ بمكة وقد بلغه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما رَخَّصَ بها للمهاجر (٣) بعد قضاء نُسكه ثلاثًا» (٤). والمسافر إذا تزوج في طريقه لم يثبت له حُكمُ الإقامة بمجرد التزوج ما لم يُزمِعِ (٥) الإقامة وقَطْع السفر.

وبالجملة فالتأويل الذي يُوافق ما دلَّت عليه النصوص، وجاءت به السُّنَّة


(١) متفق عليه، وقد تقدم.
(٢) من قوله: «أو أنه كان قد عزم» إلى هنا سقط من «ح».
(٣) «ب»: «للمهاجرين».
(٤) أخرجه البخاري (٣٩٣٣) ومسلم (١٣٥٢) عن العلاء بن الحضرمي - رضي الله عنه -.
(٥) «ب»: «ترفع». وهو تصحيف.