للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا الإنابة (١) ولا الطمأنينة به وإليه، ولا الأمنُ من عذابه لهم بغير جُرْمٍ (٢) أصلًا، ومن إبطاله أعمالهم الصالحة بغير سببٍ.

بل أعظم من ذلك أنهم سدُّوا على أنفسهم طريقَ العلم بإثباته وإثبات ربوبيته إلَّا بما يُنافي صفاته وأفعاله، فليس لهم طريقٌ إلى إثبات ذاته إلَّا بما يستلزم نفي ذاته وصفاته وأفعاله. وسدُّوا على أنفسهم طريق العلم بصدق رسله بتجويزهم عليه كل (٣) شيءٍ، حتى إنه يجوز عليه تأييد (٤) الكاذب المفتري عليه بأعظم المعجزات، وليس في العقل ما يُحيل ذلك عندهم. وسدُّوا على أنفسهم طريق العلم بالمعاد؛ لأنهم بنوه على إثبات الجوهر الفرد، ولا حقيقة له. وهذه جملةٌ إنما يظهر تفصيلها عند الكلام على مسائلهم ودلائلهم.

أمَّا محبة الربِّ سبحانه فإنهم صرحوا بأنه لا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ، واستدلوا على ذلك بما هو مناقِض للفطرة والعقل والشرائع، كما سنذكره (٥) إن شاء الله. وأصل الدِّين هو كونُه سبحانه يُحِبُّ ويُحَبُّ (٦)؛ فإن الشرائع مبناها على شهادة أن لا إله إلَّا الله، والإله هو المستحقُّ لكمال الحب بكمال التعظيم والإجلال والذُّل له والخضوع له. فإنكار المحبة إنكار لنفس الإلهية. وأمَّا


(١) «ح»: «الأمانة». وستأتي على الصواب.
(٢) الجُرْم: الذنب. «الصحاح» (٥/ ١٨٨٥).
(٣) «ح»: «بكل».
(٤) «ح»: «تأبيد».
(٥) سيأتي في الوجه التالي.
(٦) «ح»: «ولا يحب». وزيادة «لا» خطأ يفسد المعنى.