للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فروعها فمبناها على كونه سبحانه يُحب أقوالًا وأعمالًا، ويمدح [فاعليها] (١)، ويُثني عليهم ويُقرِّبهم منه، ويبغض أقوالًا وأعمالًا، ويذم فاعليها ويبغضهم ويبعدهم منه. [وعندهم] (٢) أنه لا يُحِب ولا يبغض، بل كل ما شاءه فهو محبوبٌ له، وما لم يَشَأْه فهو مبغوضٌ، فإن محبته عندهم هي إرادته. ولهذا قالوا: لا يحبه أحدٌ؛ لأن المحبة نوعٌ من الإرادة، والقديم لا يمكن أن يُراد.

وأمَّا أنه لا يُمدح ولا يُحمد، فلِمَا قرَّروا أن المدح هو مجرد الإخبار عن استحقاق الممدوح ما يلتذُّ به ويفرح به، واللذة والألم عليه محالٌ، كما سنذكر ألفاظهم [ق ١٢٠ أ] بعد هذا الوجه والكلام عليها.

وأمَّا الرضا به والابتهاج والسرور بقُربه فذلك من توابع المحبة، وعندهم أنه لا يمكن تعلق المحبة به بوجهٍ.

وأمَّا اللذة برُؤية وجهه وسماع كلامه، فليس له عندهم وجهٌ، ولا يُرى بحال، ولا يكَّلم ولا يمكن أن يتكلم.

وأمَّا الإنابة إليه، فأصل الإنابة محبة القلب وخضوعه وذله للمحبوب المراد، فمن لا يُحَبُّ لا يمكن الإنابة إليه.

وكذلك الفرح والسرور بقُربه عندهم أنه أمرٌ محالٌ.

وأمَّا الطمأنينة به والأمن من عذابه بغير جُرمٍ فلا طريقَ لهم إلى ذلك؛ لأنهم يُجوِّزون عليه أن يُعذِّب أعظم أهل طاعته، ويُنَعِّم أكفرَ الخلق به،


(١) «ح»: «فاعلها». والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) «ح»: «وعنده».