للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنها تستلزم الشهوة والنُّفرة وهو سبحانه منزهٌ عنهما.

فانظر كيف توصلوا إلى نفي ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله من هذه الأمور بهذه الألفاظ المجمَلة المتشابهة المتضمنة للحق والباطل، فهي ذات وجهين حقٍّ وباطلٍ، فتُقبل من الوجه الحقِّ، وتُردُّ من الوجه الباطل. فلفظ الشهوة واللذة والألم والنُّفرة من (١) الألفاظ التي فيها إجمالٌ وإبهامٌ، فكثير من الناس إنما يُطلِقها بإزاء شهوة الحيوان من الأكل والشرب والنكاح (والله تعالى قد جعل الباعث على إتيان الذكور الشهوة المجردة، لا الحاجة إلى ذلك، فإن الله لم يُحرِّم على عباده ما يحتاج العباد [ق ١٢٠ ب] إليه) (٢) وتطلق (٣) الشهوة بإزاء ما هو أعمُّ من ذلك، كشهوة الجاه والمال والعزِّ والنصر والعلم. قال الإمام أحمد (٤): «محمد بن إسحاق صاحب حديث، يُشتهى حديثُه». وقد قال تعالى في الجنة: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِي اِلْأَنفُسُ وَتَلَذُّ اُلْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١]. وهذا يعمُّ كل ما تشتهيه الأنفس من مأكولٍ ومشروبٍ


(١) «ح»: «ممن».
(٢) كذا وقعت هذه الجملة في «ح»، ويقصد بها قول الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ اَلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ اَلْعَالَمِينَ (٧٩) أَانَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ اِلنِّسَاءِ} [الأعراف: ٧٩ - ٨٠].
(٣) «ح»: «ويطلق».
(٤) الذي وقفنا عليه في «سؤالات أبي داود للإمام أحمد» (١٧٧): «سمعت أحمد ذكر محمد بن إسحاق، فقال: كان رجلًا يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه». ونقلها كذلك: العقيلي في «الضعفاء» (٥/ ٢٠١) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٢/ ٢٨) وابن سيد الناس في «عيون الأثر» (١/ ٢٠) والمزي في «تهذيب الكمال» (٢٤/ ٤٢١) وغيرهم.