للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا رحمة، ولا هو كافٍ لهم بشهادتهم على أنفسهم، وشهادة الله وملائكته والشهداء من عباده عليهم، وبالله التوفيق.

وقد أقسم سبحانه بنفسه المقدسة أنهم لا يؤمنون حتى يُحكِّموا رسوله في كل ما شجر بينهم، ولا يكفي ذلك في حصول الإيمان حتى يزول الحرج من نفوسهم بما حكم به، ولا يكفي ذلك أيضًا حتى يحصل منهم الرضا والتسليم؛ فقال تعالى: {* فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا ممَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٤] فأكَّد ذلك بضروبٍ من التأكيد:

أحدها: تصدير [ق ١٣٠ ب] الجملة المقسم عليها بحرف النفي المتضمن لتأكيد النفي (١) المقسم عليه، وهو في ذلك كتصدير الجملة المثبتة بإنَّ.

الثاني: القَسَم بنفسه سبحانه.

الثالث: أنه أتى بالمُقْسَم عليه بصيغة الفعل الدالة على الحدوث، أي: لا يقع منهم إيمانٌ ما حتى يحكموك.

الرابع: أنه [أتى] (٢) في الغاية بـ «حتى» دون «إلَّا»، المُشْعرة بأنه لا يُوجد الإيمان إلَّا بعد حصول التحكيم؛ لأن ما بعد «حتى» يدخل فيما قبلها.

الخامس: أنه أتى بالمحكم فيه بصيغة الموصول الدالة على العموم وهو قوله: {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أي في جميع ما تنازعوا فيه من [الأمور] (٣) الدقيقة والجليلة.


(١) لعل الصواب «نفي».
(٢) سقط من «ح».
(٣) زدته ليستقيم السياق.