للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا، فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُه عِنْدَ رَأْسِهِ، فاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ» (١). فهذا ممَّا يقطع السامعُ فيه بمراد المتكلمِ، فإذا أخبر عن مراده [ق ٥ ب] بما دلَّ عليه حقيقة لفظه الذي وُضِعَ له (٢) مع القرائن المؤكِّدة له كان صادقًا في إخباره. وأمَّا إذا تأوَّل كلامَه بما لم (٣) يدلَّ عليه لفظه، ولا اقترن به (٤) ما يدلُّ عليه، فإخبارُه بأن هذا مراده كذبٌ عليه.

فقول القائل: يُحمَلُ (٥) اللفظُ على كذا وكذا. يقال له: ما تعني بالحمل؟ أتعني به أن اللفظ موضوع لهذا المعنى، فهذا نقلٌ مجردٌ موضعُه كتب اللغة، فلا أثرَ لحملك. أم تعني به اعتقادَ أن المتكلم أراد ذلك المعنى الذي حملتَه عليه، فهذا قولٌ عليه بلا علمٍ، وهو كذبٌ مفترًى إن لم تأتِ بدليلٍ يدل على أن المتكلم أراده. أم تعني به أنك أنشأت (٦) له معنًى، فإذا سمعتَه اعتقدت أن ذلك معناه؛ وهذا حقيقة قولك وإن لم تُرِدْه.

فالحملُ إمَّا إخبارٌ عن المتكلم بأنه أراد ذلك المعنى، فهذا الخبر إمَّا صادقٌ إن كان ذلك المعنى هو المفهوم من لفظ المتكلم، وإمَّا كاذبٌ إن كان


(١) أخرجه البخاري (٦٣٠٨) ومسلم (٢٧٤٤) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٢) «له» ليس في «ح».
(٣) «لم» ليس في «ب».
(٤) «ب»: «عليه».
(٥) «ح»: «ويحمل».
(٦) «ب»: «أن الشيء».