للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعضد هذا الاحتمال بما رواه من حديث ابن أبي أُويس، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن عروة بن الزبير، أن الزبير بن العوَّام سمع رجلًا يُحدِّث حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستمع الزبير له حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال له الرجل: نعم. قال هذا وأشباهه (١) ممَّا يمنعنا أن نتحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قد لعمري سمعتَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذٍ حاضرٌ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ هذا الحديث فحدَّثنا به عن رجلٍ من أهل الكتاب حدَّثه إيَّاه، فجئتَ أنتَ يومئذٍ بعد أن قضى صدر الحديث وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب، فظننت أنه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

قالوا: فلهذا الاحتمال تركنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله عز وجل (٣).

فتأمَّل ما في هذا الوجه من الأمر العظيم أن يشتبه على أعلم الناس بالله


(١) «ح»: «وأشباهم». والمثبت من «الأسماء والصفات».
(٢) أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (٧٦٤) وفي «المدخل» (٧٠٢). وعزاه ابن رجب في «فتح الباري» (٣/ ٤٠٩) إلى مسلم في كتاب «التفصيل». ولم يُذكر في هذه المصادر اللفظ الذي نُسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن الجوزي في «دفع شبه التشبيه» (ص ٣٧): «وغالب الظن أن الإشارة في حديث الزبير إلى حديث قتادة».
(٣) قال البيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ٢٠١): «ولهذا الوجه من الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى، إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع، واشتغلوا بتأويله».