للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفاته وكلامه وكلام رسوله كلام الرسول الحق الذي قاله مدحًا وثناءً على الله بكلام الكفار المشركين الذي هو تنقصٌ وعيبٌ، فلا يُميِّز بين هذا وهذا ويقول: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» لما يكون من كلام ذلك المشرك الكافر. فأي نسبة جهلٍ واستجهالٍ لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ق ١٣١ ب] فوق هذا أنه لا يميز أحدهم بين كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الكفار والمشركين، ويميز بينهما أفراخ الجهمية والمعطلة؟ وكيف يستجيز من للصحابة في قلبه وقارٌ وحرمةٌ أن ينسب إليهم مثل ذلك؟! ويا لله العجب! هل بلغ بهم الجهل المفرط إلى ألَّا يُفرِّقوا بين الكلام الذي يقوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاكيًا عن المشركين والكفار، والذي يقوله حاكيًا له عن جبريل عن رب العالمين، ولا بين الوصف بما هو مدح وثناء وتمجيد لله ووصفه بما هو ضد ذلك؟ فتأمَّل جناية هذه المعرفة على النصوص!

ومن تأمَّل أحاديث الصِّفات وطُرقها وتعدد مخارجها ومن رواها من الصحابة علم بالضرورة بطلان هذا الاحتمال، وأنه من أبين الكذب والمحال. فوالله، لو قاله صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند نفسه لكان أولى بقبوله واعتقاده من قول الجهمي المعطل النافي، فكيف إذا نسبه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!

والمقصود أن هذه الدرجات الثلاث قد وضعت الجهمية أرجلهم فيها. فهذه درجة منع كون الرسول قاله. وأكدوا (١) أمر هذه الدرجة بأن أخبار الآحاد يتطرق إليها الكذب والخطأ والغلط، فلا يجوز أن يُحتج بها في باب معرفة الله وما يجب له ويمتنع عليه. وسيمر بك إن شاء الله تعالى ما يقلع هذه الدرجة من أصلها (٢).


(١) «ح»: «وألحدوا». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) للأسف هذا في الجزء المفقود من الكتاب، وينظر «مختصر الصواعق» (٤/ ١٤٦٥ - ١٦٤٥).