للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطع لعنني وطردني، ومكَّنني من دخول الجنة وطرَّقني، وإذ عملت عملي أخرجني، ثم سلَّطني على بني آدم؛ فلِمَ إذ استمهلته أمهلني فقلت: {أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [ص: ٧٨] فقال: {إِنَّكَ مِنَ اَلْمُنظَرِينَ (٧٩) إِلَى يَوْمِ اِلْوَقْتِ اِلْمَعْلُومِ} [ص: ٧٩ - ٨٠]؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لو أهلكني في الحال (١) استراح الخلق مني، وما بقي شرٌّ في العالم؟ أليس بقاء العالم على نظام الخير خيرًا من امتزاجه بالشر؟! قال: فهذه حجتي على ما ادعيته في (٢) كل مسألة.

قال شارح الإنجيل: فأوحى الله إلى الملائكة: قولوا له: فإنك في مسألتك الأولى أني إلهك وإله الخلق غير صادقٍ ولا مخلصٍ، إذ لو صدَّقت أني ربُّ العالمين ما احتكمت عليَّ بلِمَ، فأنا الله الذي لا إله إلَّا أنا، لا أُسأل عمَّا أفعل والخلق مسؤولون.

قال: هذا مذكورٌ في التوراة ومسطورٌ في الإنجيل على الوجه الذي ذكرته. وكنت برهةً من الزمان أتفكر وأقول: من المعلوم الذي لا مرية فيه أن كل شبهةٍ وقعت لبني آدم فإنما وقعت من إضلال الشيطان ووساوسه، ونشأت من شُبهاته. وإذا كانت الشُّبهات محصورةً في سبعٍ، عادت كبار البدع والضلال إلى سبعٍ، ولا يجوز أن تعدو (٣) شبهات فرق أهل الزيغ والكفر هذه الشبهات وإن اختلفت العبارات وتباينت الطُّرق، فإنها بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذر، يرجع جملتها (٤) إلى إنكار الأمر بعد الاعتراف بالحقِّ،


(١) «ح»: «الحالة». والمثبت من «م» و «الملل والنحل».
(٢) «في» من «م» و «الملل والنحل».
(٣) في «ح»، «م»: «يعدوها». والمثبت من «الملل والنحل».
(٤) «ح»: «كالبدو يرجع حملها». وفي «الملل والنحل»: «كالبذور ويرجع جملتها». والمثبت من «م».