للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلى الجنوح إلى الهوى والرأي في مقابلة النصِّ. والذين جادلوا نوحًا وهودًا وصالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا وموسى وعيسى ومحمدًا ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ كلهم نسجوا على منوال اللعين الأول في إظهار شبهاته.

وحاصلها يرجع إلى دفع التكليف عن أنفسهم وجحد أصحاب التكاليف والشرائع بأسرهم، إذ (١) لا فرق بين قولهم: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: ٦] وبين قوله: {آاسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: ٦١]. وعن هذا صار مفصل الخلاف ومحزُّ (٢) الإشكال والافتراق ما هو في قوله: {وَمَا مَنَعَ اَلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذ جَّاءَهُمُ اُلْهُدَى إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اَللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء: ٩٤] فبيَّن أن المانع من الإيمان هو هذا المعنى، كما قال للمتقدم الأول: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا (٣) تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} [الأعراف: ١١].

وقال المتأخر من ذريته كما قال المتقدم: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا اَلَّذِي هُوَ مَهِينٌ (٥١) وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: ٥١ - ٥٢]. وكذلك لو تعقبنا أقوال (٤) المتأخرين (٥) منهم وجدناها مطابقة لأقوال المتقدمين (٦) {كَذَلِكَ قَالَ اَلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: ١١٧] {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ} [يونس: ٧٤].


(١) «ح»: «أن». والمثبت من «الملل والنحل».
(٢) «ح»: «مجرد». والمثبت من «الملل والنحل».
(٣) «ح»، «م»: «أن».
(٤) «ح»: «أحوال». والمثبت من «م» و «الملل والنحل».
(٥) «الملل والنحل»: «المتقدمين».
(٦) «ح» و «الملل والنحل»: «المتأخرين». والمثبت من «م».