للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحبته ورضاه وغضبه وفرحه وضحكه وأولتَها بنفس الإرادة؟

فإن قلتَ: لأن (١) إثباتَ الإرادة والمشيئة لا يستلزم تشبيهًا وتجسيمًا، وإثباتَ حقائق هذه الصِّفات يستلزم التشبيهَ والتجسيم، فإنها لا تُعقَل إلَّا في الأجسام، فإن الرحمة رقَّة تعتري طبيعة الحيوان، والمحبة ميل النفس لجلب ما ينفعها، والغضب غليان دم القلب طلبًا للانتقام، والفرح انبساط دم القلب لورود ما يسرُّه عليه.

قيل لك (٢): وكذلك الإرادة هي مَيْلُ النفس إلى جلب ما ينفعها ودفْعِ ما يضرها، وكذلك جميع ما أثبتَّه من الصِّفات إنما هي أعراض قائمة بالأجسام في الشاهد، فإن العلم انطباع صورة المعلوم (٣) في نفس العالِم، أو صفة عَرَضية قائمة به، وكذلك السمع والبصر والحياة أعراض قائمة بالموصوف، فكيف لزم التشبيهُ والتجسيم من إثبات تلك الصِّفات، ولم يلزم من إثبات هذه؟

فإن قلتَ: لأني (٤) أثبتُّها على وجهٍ لا يُماثل صفاتنا ولا يشابهها.

قيل لك: فهلَّا أثبتَّ الجميع على وجه لا يُماثل صفات المخلوقين ولا يشابهها (٥)، ولِمَ فهمتَ من إطلاق هذا (٦) التشبيهَ والتجسيم، وفهمتَ


(١) «ح»: «إن».
(٢) «ح»: «قبل ذلك».
(٣) «ب»: «العلوم».
(٤) «ح»: «أنا».
(٥) من قوله: «قيل لك: فهلا أثبت» إلى هنا ليس في «ح».
(٦) «ح»: «هذه».