للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال ثانيًا: هَبْ أن العقل لا يدل على إثبات هذه الصِّفات التي نفيتَها، فإنه لا ينفيها، والسمع دليلٌ مستقلٌّ بنفسه، بل الطمأنينة إليه في هذا الباب أعظمُ من الطمأنينة إلى مجرد العقل، فما الذي يُسوِّغ لك نفيَ مدلوله؟

ويقال لك ثالثًا: إن كان ظاهر النصوص يقتضي تشبيهًا وتجسيمًا فهو يقتضيه في الجميع، فأوِّلِ الجميعَ، وإن كان لا يقتضي ذلك لم يَجُزْ تأويلُ شيءٍ منه. وإن زعمتَ أن (١) بعضها يقتضيه وبعضها لا يقتضيه طُولِبتَ بالفرق بين الأمرين، وعادت المطالبة جذَعًا.

ولمَّا تفطَّنَ بعضُهم لتعذُّر الفرق قال: ما دلَّ عليه الإجماعُ كالصِّفات السبعة لا يُتأوَّل، وما لم يدلَّ عليه إجماعٌ فإنه يُتأوَّل. وهذا كما تراه مِن أفسد الفروق، فإن مضمونه أن الإجماع أثبتَ ما يدل على التجسيم والتشبيه، ولولا ذلك لتأولناه، فقد اعترفوا بانعقاد الإجماع على التشبيه والتجسيم، وهذا قدحٌ في الإجماع فإنه لا ينعقد على باطل.

ثم يقال: إن كان الإجماع قد انعقد على إثبات هذه الصِّفات، وظاهرُها يقتضي التجسيم والتشبيه (٢)، بطل نفيُكم لذلك، وإن لم ينعقد عليها بطل التفريقُ به.

ثم يقال: خصومكم من المعتزلة لم تُجمِع (٣) معكم على إثبات هذه الصِّفات.


(١) «أن» ليس في «ب».
(٢) «ح»: «التشبيه والتجسيم».
(٣) في النسختين: «يجمع». والمثبت من «م».