للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشاركٍ ومعينٍ، بل (١) يكفي في خَلْقه لما يريد أن يخلقه ويكونه نفسُ إرادته، وقوله للمكوَّن: كن، فإذا هو كائنٌ كما شاءه وأراده. فأخبر عن نفاذ مشيئته وإرادته، وسرعة تكوينه وانقياد المكوَّن له، وعدم استعصائه عليه.

ثم ختم هذه الحُجة بإخباره أن ملكوت كل شيءٍ بيده، فيتصرف فيه بفعله، وهو (٢) قوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٨٢].

فتبارك الذي تكلَّم (٣) بهذا الكلام الذي جمع في نفسه بوَجَازته وبيانه وفصاحته وصحة برهانه كل ما تلزم الحاجة إليه من تقرير الدليل وجواب الشبهة، ودحْض حُجة الملحد، وإسكات المعاند، بألفاظٍ لا أعذب منها عند السمع، ولا أحلى منها (٤) ومن (٥) معانيها للقلب، ولا أنفع من ثمرتها للعبد.

ومن هذا قوله سبحانه: {وَقَالُوا أَاذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَانَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩) * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا ممَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ اِلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا (٥١) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثتُّمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٤٩ - ٥٢].

فتأمَّلْ ما أُجيبوا به عن كل سؤال سؤال (٦) على التفصيل، فإنهم قالوا


(١) «ب»: «ما».
(٢) «ح»: «و».
(٣) «ح»: «يعلم».
(٤) «ب»: «أعلى من».
(٥) «ح»: «من».
(٦) «سؤال» ليس في «ح».