للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظام وهي رميم.

ثم (١) أكَّد هذا بأخذ الدلالة من الشيء الأجلِّ (٢) الأعظم على الأيسر الأصغر، وأن كل عاقلٍ يعلم أن مَن قدَرَ على العظيم الجليل فهو على ما دونه بكثيرٍ أقدرُ وأقدر (٣)، فمن قدر على حمل قنطار فهو على حمل أوقية أشد اقتدارًا، فقال: {أَوَلَيْسَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} [يس: ٨٠]. فأخبر سبحانه أن الذي أبدع السماواتِ والأرضَ (٤) على جلالتهما، وعِظَم شأنهما، وكبر أجسامهما وسعتهما، وعجيب خلقتهما = أقدرُ على أن يحيي عظامًا قد صارت رميمًا، فيردها إلى حالتها الأولى، كما قال في موضع آخر: {لَخَلْقُ اُلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ اِلنَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر: ٥٧]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللَّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ اَلْمَوْتَى} (٥) [الأحقاف: ٣٢].

ثم أكَّد (٦) سبحانه ذلك وبيَّنه ببيانٍ آخر يتضمَّن مع إقامة الحُجة دفْعَ شبهةِ كل ملحدٍ وجاحدٍ، وهو أنه ليس في فعله بمنزلة غيره الذي يفعل بالآلات والكُلْفة والتعب والمشقة، ولا يمكنه الاستقلال بالفعل، بل لا بد معه من آلةٍ


(١) «ثم» ليس في «ح».
(٢) «ح»: «الأصلي».
(٣) «وأقدر» ليس في «ح».
(٤) من قوله: {بِقَادِرٍ عَلَى} إلى هنا سقط من «ح».
(٥) النسختين: «أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يحيي الموتى». وقد أدخل آيتين بعضهما في بعض.
(٦) «ح»: «أخذ».