للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَاقَوْمِ اِتَّبِعُوا اُلْمُرْسَلِينَ (١٩ ) اَتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْئَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ} [يس: ١٩ - ٢٠]. فنبَّه على موجِب الاتباع، وهو كون المتبوع رسولًا لمن لا ينبغي أن يُخالف ولا يُعصى، وأنه على هداية، ونبَّه على انتفاء (١) المانع، وهو عدم سؤال الأجر، فلا يريد منكم دنيًا [ق ٢٩ أ] ولا رياسة، فموجِب الاتباع كونه مهتديًا، والمانع منه منتفٍ، وهو طلب العلو في الأرض والفساد وطلب الأجر.

ثم (٢) قال: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ اُلَّذِي فَطَرَنِي} [يس: ٢١] أخرج الحجة عليهم في معرض المخاطبة لنفسه تأليفًا لهم، ونبَّه على أن عبادة العبد لمن فطره أمرٌ واجبٌ في العقول، مستهجنٌ تركها، قبيحٌ الإخلال بها، فإن خلقه لعبده أصل إنعامه عليه، ونعمه كلها بعد (٣) تابعةٌ لإيجاده وخلقه، وقد جبل الله العقول والفطر على شكر المنعم ومحبة المحسن ـ ولا يلتفت إلى ما يقوله نفاة التحسين والتقبيح في ذلك؛ فإنه من أفسد الأقوال وأبطلها في العقول والفطر والشرائع ـ ثم أقبل (٤) عليهم مخوِّفًا لهم تخويف الناصح فقال: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٢١]

ثم أخبر عن الآلهة التي تُعبَد من دونه أنها باطلةٌ، وأن عبادتها باطلةٌ، فقال: {آاتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ (٥) اِلرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ


(١) «ح»: «انتقال».
(٢) «ثم» ليس في «ح».
(٣) «بعد» ليس في «ح».
(٤) «ح»: «اجعل».
(٥) في «النسختين»: «يردني» بإثبات الياء، وهي قراءة، قال ابن الجزري في «النشر في القراءات العشر» (٢/ ١٨٨ - ١٨٩): «وأما {إن يردن} فأثبت الياء فيها مفتوحة في الوصل أبو جعفر وأثبتها ساكنة في الوقف أبو جعفر أيضًا ... وتقدم مذهب يعقوب في الوقف عليها بالياء من باب الوقف، وحذفها الباقون في الحالين».