للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثَروه في الدنيا على حظِّهم من الآخرة؛ والخوضَ الذي اتبعوا فيه الشُّبهاتِ. فاستمتعوا بالشهوات، وخاضوا بالشبهات، فنشأ عنهما التفرقُ المذموم الذي ذمَّ اللهُ أهله في كتابه، ونهى عبادَه المؤمنين عن التشبه بهم، فقال: {وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاَخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ اُلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ١٠٥ - ١٠٦]. قال ابن عباس: «تبيضُّ وجوهُ أهل السُّنَّة والائتلاف، وتسودُّ وجوهُ أهل الفرقة والاختلاف» (١).

وأخبر سبحانه أن الحامل لهم على التفرق بعد البيان إنما هو البغي، فقال تعالى: {* كَانَ اَلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اَللَّهُ اُلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ اُلْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ اَلنَّاسِ فِيمَا اَخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اَخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا اَلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ اُلْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اَللَّهُ اُلَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اَخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ اَلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاَللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١١]. فأخبر سبحانه أن الذين آمنوا هُدوا (٢) لِمَا اختلف (٣) فيه أهلُ التأويل الباطل الذي أوقعهم في الاختلاف والتفرق.

وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ اُلْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ اَلَّذِينَ أُورِثُوا اُلْكِتَابَ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٣٩٥٠) والآجري في «الشريعة» (٢٠٧٤) واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (٧٤) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٨/ ٣٧٥) وسندُه واهٍ جدًّا، يُنظر «تكميل النفع» للشيخ محمد عمرو عبد اللطيف (ص ٥٥).
(٢) «ح»: «وهدوا».
(٣) «ح»: «اختلفوا».