للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربا، وفي بعض نواقص الوضوء، ومُوجِبات الغسل، وبعض مسائل الفرائض وغيرها، فلم ينصبْ بعضُهم (١) لبعضٍ عداوةً، ولا قطع بينه وبينه عصمةً، بل كانوا كلٌّ منهم يجتهد في نصر قولِه بأقصى ما يقدر عليه، ثم يرجعون بعد المناظرة إلى الأُلفة والمحبة والمصافاة والموالاة، من غير أن يُضمِر بعضُهم لبعضٍ ضغنًا، ولا ينطوي له على مَعتبةٍ ولا ذمٍّ، بل يدلُّ المستفتيَ عليه مع مخالفته له (٢)، ويشهد له بأنه خيرٌ منه وأعلم منه. فهذا الاختلاف أصحابُه بين الأجرين والأجر، وكلٌّ منهم مطيعٌ لله (٣) بحسب نِيته واجتهاده وتحريه الحق.

وهنا نوع آخر من الاختلاف ـ وهو وِفاقٌ في الحقيقة ـ وهو اختلاف في الاختيار والأَوْلى بعد (٤) الاتفاق على جواز الجميع، كالاختلاف في أنواع الأذان والإقامة، وصفات التشهد والاستفتاح، وأنواع النُّسُك الذي يُحرِم به قاصدُ الحج والعمرة، وأنواع صلاة الخوف، والأفضل من القنوت أو تركه، ومن الجهر بالبسملة أو إخفائها، ونحو ذلك، فهذا وإن كان صورتُه صورةَ اختلاف فهو اتفاق في الحقيقة.


(١) «بعضهم» سقط من «ح».
(٢) «له» ليس في «ب».
(٣) «ح»: «يطيع ذلك».
(٤) هذا الحرف لم يظهر لي في «ح».