للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شك أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا بالمدينة حوله صلوات الله وسلامه عليه مجتمعين، وكانوا ذوي معايش يطلبونها، وفي ضنكٍ من القوت، فمن محترفٍ في الأسواق، ومن قائمٍ على نَخْله، ويَحضُره (١) - صلى الله عليه وسلم - في كل وقتٍ منهم طائفةٌ إذا وجدوا أدنى فراغ ممَّا هم بسبيله. وقد نصَّ على ذلك أبو هريرة فقال: «إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفْق بالأسواق (٢)، وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على نخلهم (٣)، وكنت امرأً مسكينًا أَصحَبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مِلْء بطني» (٤).

وقد قال عمر - رضي الله عنه -: «ألهاني الصفق بالأسواق» في حديث استئذان أبي موسى (٥).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن المسألة ويحكم بالحكم، ويأمر بالشيء ويفعل الشيء، فيحفظه (٦) من حضره، ويغيب عمَّن غاب عنه.

فلمَّا مات صلوات الله وسلامه عليه ووليَ أبو بكر كان إذا جاءته القضية ليس عنده فيها نصٌّ سأل من بحضرته من الصحابة عنها، فإن وَجد عندهم (٧) نصًّا رجع إليه، وإلَّا اجتهد في الحكم فيها. وكان اجتهاده واجتهاد


(١) «ح»: «وبحضرته».
(٢) الصفق بالأسواق: التصرف في التجارة. «مشارق الأنوار» (٢/ ٥٠).
(٣) «ح»: «عملهم».
(٤) أخرجه البخاري (١١٨) ومسلم (٢٤٩٢).
(٥) أخرجه البخاري (٢٠٦٢) ومسلم (٢١٥٣).
(٦) في النسختين: «فيحضره». والمثبت من «الجمع بين الصحيحين».
(٧) في النسختين: «عنهم». والمثبت من «الجمع بين الصحيحين».