للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى هذه الوجوه تَرَكَ بعض العلماء ما تركوا (١) من الحديث ومن الآيات، وعلى هذه الوجوه خالفهم نظراؤهم، فأخذ هؤلاء ما ترك أولئك، وأخذ أولئك ما ترك هؤلاء، لا (٢) قصدًا إلى خلاف النصوص، ولا تركًا لطاعتها؛ ولكن لأحد الأعذار التي ذَكَرْنا، إمَّا من نسيان، وإمَّا أنها لم تبلغهم، وإمَّا لتأويلٍ (٣) ما، وإمَّا لأخذٍ (٤) بخبرٍ ضعيفٍ لم يَعلَم الآخذُ به ضَعْفَ رواته، وعَلِمَه غيره، فأخذ بخبرٍ آخر أصحَّ منه، أو بظاهر آية. وقد يتنبَّه بعضهم في النصوص الواردة إلى معنًى ويَلُوح منه حُكْمٌ بدليل ما، ويغيب عن غيره.

وقد كَثُرت الرِّحَل إلى الآفاق، وتداخل الناس، وانتدب أقوام لجَمْع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وضمِّه وتقييده، ووصل من البلاد البعيدة إلى من لم يكن عنده، وقامت الحجة على من بلغه شيءٌ منه، وجُمعت الأحاديث المبيِّنة (٥) لصحة أحد (٦) التأويلات المتأوَّلة في الحديث، وعُرف الصحيح من السقيم، وزُيف (٧) الاجتهاد المؤدِّي إلى خلاف كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى ترك عمله، وسقط العذر عمَّن خالف ما بلغه من السُّنن ببلوغها إليه وقيام الحجة بها


(١) «ما تركوا» ليس في «ح».
(٢) «لا» سقط من «ح».
(٣) «ح»: «التأويل».
(٤) «ح»: «الأخذ».
(٥) في النسختين: «المثبتة». والمثبت من «الجمع بين الصحيحين».
(٦) في النسختين: «أخذ». والمثبت من «الجمع بين الصحيحين».
(٧) «ب»: «وزاف». «ح»: «راق». وفي «الجمع بين الصحيحين»: «وزلف». والمثبت من «الإحكام».