للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَجَلُّ مِنْ أن يُرَدَّ ما تفرَّد به، وهو أَجَلُّ مِنَ الذين لم يذكروا الزيادة. فصحَّ ذِكْرُ العتق في هذا الأثر وزال الارتياب.

فهؤلاء ستة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُعلم لهم مخالفٌ أفتَوْا من قالت: كل مملوكٍ لها حرٌّ إن لم يفرق بين مملوكها وبين امرأته، أن تُكفِّر يمينها، وتُخلِّي بين الرجل وامرأته. وهُم ابن عباس في سَعة علمه، وابن عمر في شِدَّة وَرَعه وتحرِّيه، وأبو هريرة مع كثرة حِفْظه، وعائشة وحفصة وأم سلمة، وهؤلاء من أفقه نساء الصحابة، أو أَفْقَهُهن على الإطلاق.

فإن كان التقليد (١) فمَن جعل هؤلاء بينه وبين الله أَعْذَرَ عند الله ممَّن جعل بينه وبينه مَن لا يدانيهم، وإن كان الدليل (٢) والحجة فهاتوا دليلًا واحدًا لا مَطْعَنَ (٣) فيه من كتاب الله أو سُنة رسوله أو قياسٍ يستوي فيه حكم الأصل والفرع على وقوع الطلاق المحلوف به. وأكثركم لم يعوِّل في ذلك إلَّا (٤) على ما ظنه من الإجماع، وهو معذورٌ قبل الاطلاع على النزاع، فما عذره بعد الاطلاع على أن المسألة مسألة خلافٍ بين الأئمة إذا استحل عقوبة من يُفتي بها وجاهَرَ بالكذب والبَهت أنه خالفَ إجماع الأُمة، أَفَتَرى هؤلاء الذين هم من سادات الأُمة وعلمائها يُفتُون بالكفارة في العتق وبلزوم الطلاق، وهل يمكن بشرًا على وجه الأرض أن يُفرِّق بين قول الحالف: إن فعلتُ كذا فعبدي حرٌّ. وبين قوله: إن فعلتُ كذا وكذا (٥) فامرأتي طالق. بفرقٍ


(١) «ب»: «للتقليد».
(٢) «ب»: «للدليل».
(٣) «ح»: «يطعن».
(٤) «إلا» سقط من «ح».
(٥) «وكذا» ليس في «ب».