للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَلُوح منه رائحة الفقه.

الوجه الثاني من الوجوه المبينة (١) أن المسألة مسألة نزاعٍ، لا مسألة إجماعٍ: ما رواه عبد الرزاق في «جامعه» (٢): حدثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: «أنه كان لا يرى الحلف بالطلاق شيئًا. قلت: أكان يراه يمينًا؟ قال: لا أدري».

الوجه الثالث: ما رواه سُنيد (٣) بن داود في «تفسيره» (٤) حدثنا عباد بن عباد المهلَّبي، عن عاصم الأحول، عن عكرمة في رجلٍ قال لغلامه: «إن لم أَجلِدْك مائة سوطٍ فامرأتي طالق. قال: لا يَجلِد غلامَه، ولا يُطلِّق امرأتَه، هذا من خُطوات الشيطان».

الوجه الرابع: أن في الطلاق المعلَّق بالشرط قولين للعلماء:

أحدهما: يقع عند وقوع شرطه.

والثاني: لا يقع بحالٍ، ولا يتعلق الطلاق بالشرط، كما لا يتعلق النكاح به. وهذا اختيار أَجَلِّ أصحاب الشافعي الذي أخذ عنه وكان يلازمه: أبو عبد الرحمن (٥)، ولا ينزل اختياره عن درجة من له وجهٌ من المتأخرين، بل


(١) «ح»: «المثبتة».
(٢) «المصنف» (١١٤٠١) لكن شيخ عبد الرزاق فيه ابن جريج، لا معمر.
(٣) «ح»: «سيد». وهو تصحيف، وسنيد هو الحسين بن داود المصيصي أبو علي المحتسب، وسنيد لقب غلب عليه، ترجمته في «تهذيب الكمال» (١٢/ ١٦١).
(٤) عزاه إليه المصنف في «إغاثة اللهفان» (٢/ ٧٩١) ... وابن كثير في «تفسيره» (١/ ٤٧٩).
(٥) سمَّاه المصنِّف في «أعلام الموقعين» (٥/ ٥٥٣) وزاد مقامه تعريفًا؛ فقال: «هذا اختيار أبي عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز الشافعي أحد أصحاب الشافعي الأجلة أو أجلهم، وكان الشافعي يُجِلُّه ويكرمه ويكنيه ويعظِّمه ... وذكره أبو إسحاق الشيرازي في «طبقات أصحاب الشافعي»، ومحل الرجل من العلم والتضلُّع منه لا يُدفَع، وهو في العلم بمنزلة أبي ثور وتلك الطبقة، وكان رفيق أبي ثور، وهو أجلُّ من جميع أصحاب الوجوه من المنتسبين إلى الشافعي، فإذا نزل بطبقته إلى طبقة أصحاب الوجوه كان قوله وجهًا، وهو أقل درجاته».