للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا عين (١) الفقه؛ فإن العامِّيَّ الجاهل إذا جَهِلَ سُنة الطلاق وطلق رُدَّ طلاقُه إلى السُّنَّة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٢).

وأمَّا الحديث الظاهر في عدم لزوم الثلاث فهو حديث محمود (٣) بن لَبيد قال: «أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام (٤) غضبانَ، ثم قال: أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟! حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، ألا أَقتُلُه». رواه النسائي (٥).

ولم يُقل إنه أجازه عليه، بل الظاهر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يَقرُبُ من القطع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُجِيزُ حكمًا تلاعَبَ مُوقِعه بكتاب الله، بل هو أشدُّ ردًّا له وإبطالًا، والله المستعان.


(١) «ح»: «غير». وهو تحريف.
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٩٧) ومسلم (١٧١٨) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وهذا لفظ مسلم.
(٣) «ب»: «محمد». والمثبت هو الصواب، ومحمود بن لبيد الأنصاري - رضي الله عنه - صحابي صغير، ترجمته في «الإصابة» (١٠/ ٦٧ - ٦٨).
(٤) «فقام» سقط من «ح».
(٥) «المجتبى» (٣٤٠١) وفي «السنن الكبرى» (٥٥٦٤) من طريق ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه قال: سمعت محمود بن لبيد به. وأعله النسائي في «الكبرى» فقال: «لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير مخرمة». وقال ابن كثير في «التفسير» (١/ ٦٢١): «فيه انقطاع». وقال ابن حجر في «فتح الباري» (٩/ ٣٦٢): «رجاله ثقات؛ لكن محمود بن لبيد وُلِدَ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَثبُت له منه سماعٌ». وقال: «رواية مخرمة عن أبيه عن مسلم في عدة أحاديث، وقد قيل إنه لم يسمع من أبيه». وقد صحَّحه المصنف في «زاد المعاد» (٥/ ٢٢٠) وأجاب عمَّا أُعِلَّ به.