للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له كتيقُّنِهم أنه بُعث من مكة، وهاجَرَ إلى المدينة، ومات بها.

وأهل المغازي والسِّيَر والحديث يعلمون بالاضطرار أن غزوة بدر كانت قبل أُحُدٍ، وأن أُحُدًا قبل الخندق، والخندق قبل الحديبية، والحديبية قبل خيبر، وخيبر قبل فتح مكة، وفتح مكة قبل حُنين، وحُنين قبل الطَّائف، والطَّائف قبل تبوك، وتبوك آخر الغزوات، ولم يكن فيها قتالٌ؛ وكان الغزو فيها للنصارى أهل الكتاب، وفي خيبر لليهود، وفي بدرٍ وأُحدٍ للمشركين؛ وأنه أَوقَعَ باليهود أربع مرَّات: ببني قينُقاع وكانت بعد بدرٍ، وبالنَّضير، وكانت بعد أُحدٍ، وبقُريظة وكانت بعد الخندق، وبأهل خيبر وكانت بعد الحديبية. وأكثر النَّاس ـ بل كثيرٌ من العلماء والفقهاء ـ لا يعلمون هذا التَّفصيل.

وكذلك العلماء بالتَّفسير والحديث يعلمون بالاضطرار أن سورة البقرة وآل عمران والنِّساء والمائدة والأنفال وبراءة مدنياتٌ نَزَلْنَ بعد الهجرة، وسورة الأنعام والأعراف ويونس وهود ويوسف والكهف والنَّحل مكياتٌ نَزَلْنَ قبل الهجرة، وأكثر النَّاس لا يعلمون ذلك ضرورةً ولا نظرًا.

فليس المعلوم من أقوال الرَّسول وسيرته ومراده بكلامه أمرًا مشتركًا بين جميع النَّاس ولا بين المسلمين [ب ٨٤ أ] ولا بين العلماء، وإذا لم يكن هذا أمرًا مضبوطًا لا من العالم ولا في العلوم أمكن في كثيرٍ من مراد الرَّسول بالاضطرار [أن تكون نظريةً عند قومٍ] (١)، ضروريةً عند آخرين، وغير معلومةٍ البتَّةَ عند آخرين.

وإن قال: أردت أن الأدلة اللفظية لا تُفيد اليقين عند من لا يعرف


(١) ما بين المعقوفين ليس في «ب» والزيادة من مفهوم السياق.