للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكيف بمن منع ما الحاجة إليه أعظم؟! وإذا كان العبد يُسأل عن شُكر الماء البارد، فكيف بما هو أعظم نعيمًا منه؟!

وفي قوله: {اُلْحَمْدُ لِلَّهِ اِلَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا اَلْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤] هَمَّ الغداء والعشاء (١).

وفي قوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي اِلدُّنْيا حَسَنَةً} [البقرة: ١٩٩] إنها المرأة الموافقة (٢).

فهذا كله من التمثيل للمعنى العام ببعض [ب ٩٢ ب] أنواعه. فإن أراد القائل «إن الأدلة اللفظية موقوفةٌ على عدم التخصيص» أنها موقوفةٌ على عدم قصرها على هذا وأشباهه، فنَعَمْ هي غير مقصورةٍ عليه، ولا مختصةٍ به، ولا يُقال لفهم هذه الأنواع منها تخصيصًا.

ونظير هذا ما يذكره كثيرٌ من المفسرين في آياتٍ عامَّةٍ أنها في قومٍ مخصوصين من المؤمنين والكفار والمنافقين، وهذا تقصيرٌ ظاهرٌ منهم، وهَضْم لتلك العمومات المقصود عمومها. وكأن الغلط في ذلك إنما عرض من جهة أن أقوامًا في عصر الرَّسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قالوا أقوالًا وفعلوا أفعالًا في الخير والشر، فنزلت بسبب الفريقين آياتٌ، حَمِدَ الله فيها المحسنين، وأثنى عليهم، ووعدهم جزيل ثوابه، وذمَّ المسيئين، ووعدهم


(١) وهو قول الشعبي، ينسبه السيوطي في «الدر المنثور» (١٢/ ٢٩٧) لابن أبي حاتم.
(٢) أخرج ابن أبي حاتم في «التفسير» (٢/ ٣٥٨، ٥/ ١٥٧٧) عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: «المرأة الصالحة من الحسنات». ونسبه أبو المظفر السمعاني في «التفسير» (١/ ٢٠٤) والبغوي في «التفسير» (١/ ٢٣٢) لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.