للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصدِّيق وابنه عبد الرحمن.

ونظيره ما تقدَّم من تفسير قوله: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اُللَّهِ} [الفتح: ٢٩] إلى آخر الآية، وقِسْمة جُمَلِها بين العشرة من الصَّحابة (١). ومَن تأمَّل ذلك عَلِمَ أن هذا تفسير مختلٌّ، مُخِلٌّ بمقصود [ب ٩٤ أ] الآية، معدولٌ به عن سَنن الصواب.

وهذا باب يطول تتبُّعه جدًّا. ولو أن الذين ارتكبوا ما ذكرنا من التفاسير المستكرَهة المستغرَبة، وحملوا العموم على الخصوص، وأزالوا لفظ الآية عن موضوعه؛ علموا ما في ذلك من تصغير شأن القرآن، وهضم معانيه من النفوس، وتعريضه لجهل كثيرٍ من النَّاس بما عظَّم الله قَدْرَه وأعلى خطره؛ لَأقلُّوا ممَّا استكثروا منه، ولَزَهِدُوا فيما أظهروا الرغبة فيه، وكان ذلك من فعلهم أحسن وأجمل، وأولى بأن يُوَفَّى معه القرآنُ بعضَ حقِّه من الإجلال والتعظيم والتفخيم.

ولو لم يكن في حمل تفسير القرآن على الخصوص دون العموم إلَّا ما يتصوره التَّالي له في نفسه من أن تلك الآيات إنما قُصد بها أقوامٌ من الماضين دون الغابرين فيكون نفعه وعائدته على البعض دون البعض؛ لكان في ذلك ما يُوجب النُّفرة عن ذلك والرغبة عنه. وبحكمة بالغة عدل الربُّ تعالى عن تسمية مَنْ ذَكَر هؤلاء أنه مراد باللفظ، إلى ذِكْر الأوصاف والأفعال التي يأخذ كل أحدٍ منها حظَّه، ولو سمَّى سبحانه أصحابها بأسمائهم لقال القائل: لستُ منهم، يوضح ذلك:


(١) تقدم (ص ٣٩٧).