للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الشأن في تقديم المفعول وتأخيره، كقوله تعالى: {* قُلْ أَغَيْرَ اَللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا} [الأنعام: ١٥] {أَفَغَيْرَ اَللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: ١١٥] وقوله: {قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ (١) إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اُللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ اُلسَّاعَةُ أَغَيْرَ اَللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٤١ ) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ} [الأنعام: ٤١ - ٤٢]. فلو أُخِّر لكان الاستفهام عن مجرد الفعل، فلمَّا قُدِّم كان الاستفهام عن الفعل وكون المفعول المقدَّم مختصًّا به.

وكذلك قولهم: {أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ} [القمر: ٢٤] لمَّا كان الإنكار متوجِّهًا إلى كون المتبوع بشرًا، وأنه منهم، وأنه واحد قدَّموه (٢)، ولم يقع إنكارهم على مجرد الاتباع، في قوة (٣) كلامهم أنه لو كان مَلَكًا أو من غيرنا لا تَلحَقُنا غضاضةٌ برئاسته علينا أو عصبةً كثيرةً لا يُمْتَنع من متابعتهم لاتبعناهم.

وكذلك التقديم بدل التَّأخير في النفي. فإذا قلت: ما فعلتُ، كنتَ قد نفيت عنك الفعل، ولم تتعرَّض لكونه فُعل أو لم يُفْعَل. وإذا قلت: ما أنا فعلت، كنتَ قد نفيتَه عن نفسك مُدَّعيًا بأن غيرك فعله.

ومن هاهنا كان ذلك تعريضًا بالقذف يُوجب الحدَّ في أصحِّ القولين. وبه عمل الصَّحابة في قول القائل: ما (٤) أنا زنيت. كما رُفع إلى عمر بن الخطاب


(١) «ب»: «أرأيتم».
(٢) «ب»: «ورموه». والمثبت هو الصواب.
(٣) كذا في «ب»، ولعل الصواب «فمفهوم»، أو يكون في الكلام سقطٌ.
(٤) «ما» سقطت من «ب». ولا بد منها، والأثر التالي يبين ذلك.