للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: وهذا [ق ٤٤ ب] يرفع صورة المسألة ويُحيلها بالكلية، وتصير صورتها هكذا: إذا تعارض الدليل العقلي وما ليس بدليلٍ صحيحٍ وجب تقديم العقلي. وهذا كلامٌ لا فائدة فيه، ولا حاصل له، وكل عاقلٍ يعلم أن الدليل لا يترك لما ليس بدليلٍ.

ثم يُقال: إذا فسرتم الدليل السمعي بما ليس بدليلٍ في نفس الأمر بل اعتقاد دلالته جهلٌ، أو بما يظن أنه دليلٌ وليس بدليلٍ= فإن كان السمعي في نفس الأمر كذلك ـ لكونه خبرًا مكذوبًا، أو صحيحًا وليس فيه ما يدل على معارضة العقل (١) بوجهٍ ـ وأثبتُّم التعارض والتقديم بين هذين النوعين فساعدناكم عليه، وكُنَّا أسعد (٢) بذلك منكم؛ فإنَّا أشدُّ نفيًا للأحاديث المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشدُّ إبطالًا لما تحمله من المعاني الباطلة وأولى بذلك منكم.

وإن كان الدليل السمعي صحيحًا في نفسه ظاهر الدلالة بنفسه على المراد لم يكن ما عارضه من العقليات إلَّا خيالات فاسدة، ومقدمات كاذبة، إذا تأمَّلها العاقل حقَّ التَّامل ومشى إلى آخرها وجدها مخالفة لصريح المعقول. وهذا ثابتٌ في كل دليلٍ عقليٍّ خالَفَ دليلًا سمعيًّا صحيح الدلالة. وحينئذٍ فإذا عارض هذا المسمَّى دليلًا عقليًّا للسمع وجب اطِّراحه لفساده وبطلانه.

ولبيان العلم ببطلانه طريقان: كلي وجزئي.


(١) «ح»، «م»: «القول». والمثبت من حاشية «م».
(٢) «أسعد» ليس في «ح»، وأثبته من «م».