للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يعرف الرحمن، ولا يصدق بمعاد الأبدان، ولا أن الله يرسل رسولًا بكلامه إلى نوع الإنسان، فجعَلَ هؤلاء المعارضين بين العقل والنقل عقل هذا الرجل عيارًا على كتب الله المنزَّلة وما أَرسل به رسله، فما زكَّاه منطقه وآلته وقانونه الذي وضعه بعقله قَبِلوه، وما لم يزكِّه تركوه.

ولو كانت هذه الأدلة التي أفسدت عقول هؤلاء وأتباعهم، صحيحةً لكان صاحب الشريعة يُقوِّم شريعته بها ويكملها باستعمالها، وكان الله سبحانه يُنبِّه (١) عليها، ويحضُّ على التمسُّك بها، ويتقدم إلى عباده بالتمسُّك بها وبعلمها (٢) وتعليمها، ويفرض عليهم القيام بها.

فيا للعقول التي لم يخسف بها أين الدِّين من الفلسفة؟!

وأين كلام ربِّ العالمين إلى آراء اليونان والمجوس وعُبَّاد الأصنام والصَّابئين؟!

وأين المعقولات المؤيَّدة بنور النبوة إلى المعقولات المتلقاة عن أرسطو وأفلاطون والفارابي وابن سينا، وأتباع هؤلاء ممَّن لا يُؤمن بالله ولا صفاته ولا أفعاله ولا ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؟!

وأين العلم المأخوذ عن الوحي النَّازل من عند ربِّ العالمين إلى الشُّبه المأخوذة عن آراء المتهوكين والمتحيرين؟!

فإن أَدْلَوْا بالعقل (٣) فلا عقل أكمل من عقول ورثة الأنبياء.


(١) «ح»: «يثيبه». والمثبت من «م».
(٢) كذا في «ح»، وربما كانت: «وتعلمها».
(٣) أدلى بحجته: أحضرها. «أساس البلاغة» (١/ ٢٩٦).