للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَّاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ} [النساء: ١٧٣] وقال: {وَأَنزَلَ اَللَّهُ (١) عَلَيْكَ اَلْكِتَابَ وَاَلْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٢]. فالطريقة البرهانية هي الواردة بالوحي، النَّاطقة (٢) بالرشد، الدَّاعية إلى الخير، الواعدة بحسن المآب، المبينة لحقائق الأنباء، المعرِّفة بصفات ربِّ الأرض والسماء.

وإن الطريقة (٣) التقليدية التخمينية الخَرْصية (٤) هي المأخوذة من المقدمتين والنتيجة والدعوى، التي ليس مع أصحابها إلَّا الرجوع إلى رجلٍ من يونان (٥)، كان يعبد الأوثان، ويجحد بالرحمن، فوضع بعقله قانونًا يصحح به بزعمه علوم الخلائق وعقولهم، فلم يستفد به عاقلٌ تصحيحَ مسألةٍ واحدةٍ في شيءٍ من علوم بني آدم، بل ما وُزن به علم إلَّا أفسده، وما برع فيه أحدٌ إلَّا انسلخ من حقائق الإيمان كانسلاخ القميص عن الإنسان. فما استُفيد بهذا العقل العائل إلَّا تعطيل الصَّانع عن صفات كماله ونعوت جلاله وعن أفعاله، والكفر بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

ومن العجب أن هؤلاء الأوقاح جعلوا نصوص الأنبياء من باب الظنون، وهي من الوحي، وجعلوا كلمات المنطقيين وقواعد الفلاسفة والجهمية من باب اليقين، ثم عارضوا بينهما، وقدَّموا هذه على نصوص الأنبياء! فالشريعةُ


(١) لفظ الجلالة سقط من «ح».
(٢) «م»: «الناظمة».
(٣) «الطريقة» ليس في «ح»، ومثبت من «م».
(٤) الخرص: الحزر والحدس والتخمين، وقيل: هو التظني فيما لا تستيقنه. «تاج العروس» (١٧/ ٥٤٤).
(٥) بعده في «ح»: «فإن». وهو يقصد أرسطو.