للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نبَّه سبحانه على إثبات صفاته وأفعاله بطريق المعقول، فاستيقظت لتنبيهه العقول الحية، واستمرت على رقدتها العقول الميتة، فقال الله تعالى في صفة العلم: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهْوَ اَللَّطِيفُ اُلْخَبِيرُ} [الملك: ١٥]. فتأمَّلْ صحة هذا الدليل مع غاية إيجاز لفظه واختصاره.

وقال: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ} [النحل: ١٧]. فما أصح هذا الدليل وما أوجزه!

وقال تعالى في صفة الكلام: {وَاَتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف: ١٤٨]. نبَّه بهذا الدليل على أن مَن لا يُكلِّم ولا يهدي لا يصلح أن يكون آلهًا. وكذلك قوله في الآية الأخرى عن العجل: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [طه: ٨٨] فجعل امتناع صفة الكلام والتكليم وعدم مِلْك الضر والنفع دليلًا على عدم الإلهية. وهذا دليلٌ عقليٌّ سمعيٌّ على أن الإله لا بد أن يُكلِّم ويتكلَّم، ويملك لعابده الضر والنفع، وإلَّا لم يكن إلهًا.

وقال: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ اُلنَّجْدَيْنِ} [البلد: ٨ - ١٠]. نبَّهك بهذا الدليل العقلي القاطع أن الذي جعلك تبصر وتتكلم وتعلم أولى أن يكون بصيرًا متكلِّمًا عالمًا، فأيُّ دليلٍ عقليٍّ قطعيٍّ أقوى من هذا وأبين وأقرب إلى المعقول؟!

وقال تعالى في آلهة المشركين المعطلين: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٥] فجعل سبحانه عدم البطش والمشي والسمع والبصر دليلًا على عدم