للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقُولُ هَذَا جَنِيُّ النَّحْلِ تَمْدَحُهُ ... وَإِنْ تَشَأْ قُلْتَ ذَا قَيْءُ الزَّنَابِيرِ

مَدْحًا وَذَمًّا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا ... وَالْحَقُّ قَدْ يَعْتَرِيهِ سُوءُ تَعْبِير

وأشدُّ ما حاول (١) أعداء الرَّسول من التنفير عنه سوءُ التعبير عمَّا جاء به، وضربُ الأمثال القبيحة له، والتعبيرُ عن تلك المعاني ـ التي لا أحسن منها ـ بألفاظٍ منكرةٍ ألقوها في مسامع المغترين المخدوعين، فوصلت إلى قلوبهم فنفرتْ منه. وهذا شأن كل مبطلٍ، وكلُّ من يكيد الحقَّ وأهله هذه طريقه ومسلكه، وأكثر (٢) العقول ـ كما عهدتُ ـ [ق ٥٩ ب] تقبل القول بعبارةٍ وترده بعينه بعبارةٍ أخرى.

وكذلك إذا قال الفرعوني: لو كان فوق السماوات ربٌّ أو على العرش إلهٌ لكان مركبًا؛ قيل له: لفظ «المركب» في اللغة هو الذي ركَّبه غيرُه في محله، كقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَك} [الانفطار: ٨] وقولهم: ركبت الخشبة والباب؛ أو ما تَركَّب من أخلاطٍ (٣) وأجزاء، بحيث كانت أجزاؤه متفرقة فاجتمعت ورُكبت حتى صار شيئًا واحدًا، كقولهم: ركبت الدواء، وركَّبتُ الطعام من كذا وكذا. فإن أردتم بقولكم: لو كان فوق العرش كان


(١) «م»: «جادل».
(٢) «ح»: «وأكثره». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «اختلاط». والمثبت من «م».