للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مركَّبًا هذا التركيبَ المعهودَ أو أنه كان متفرقًا فاجتمع = فهو كذبٌ وفريةٌ وبهتٌ على الله وعلى الشرع وعلى العقل.

وإن أردتم أنه لو كان فوق عرشه لكان عاليًا على خلقه بائنًا منهم مستويًا على عرشه ليس فوقه شيءٌ = فهذا المعنى حقٌّ، وكأنك قلت: لو كان فوق العرش لكان فوق العرش، فنفيت الشيء بتغيير العبارة عنه وقَلْبِها إلى عبارةٍ أخرى. وهذا شأنكم في أكثر مطالبكم.

وإن أردت بقولك: «كان مركبًا» أنه يتميز منه شيءٌ عن شيءٍ، فقد وصفته أنت بصفاتٍ يتميز بعضها عن بعضٍ، فهل كان هذا عندك تركيبًا؟

فإن قلت: هذا لا يُقال لي، وإنما يُقال لمن أثبت شيئًا من الصِّفات، وأمَّا أنا فلا أُثبت له صفةً واحدةً فرارًا من التركيب.

قيل لك: العقل لم يدل على نفي المعنى الذي سمَّيته أنت تركيبًا. وهَبْك سمَّيته تركيبًا وقد دلَّ العقل والوحي والفِطَر على ثبوته؛ أفتنفيه لمجرد تسميتك (١) الباطلة؟ فإن التركيب يُطلق ويُراد به خمسة (٢) معانٍ:

تركيب الذَّات من الوجود والماهية عند من يجعل وجودها زائدًا على ماهيتها. فإذا نفيت هذا التركيب جعلته وجودًا مطلقًا، إنما هو في الأذهان لا وجود له في الأعيان.

الثَّاني: تركيب الماهية من الذَّات والصفات. فإذا نفيت هذا التركيب جعلته ذاتًا مجردةً عن كل وصفٍ، لا يسمع ولا يُبصر ولا يعلم ولا يقدر


(١) «ح»: «تسميك». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «خمس». والمثبت من «م».