للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يريد ولا له حياة ولا مشيئة ولا صفة أصلًا. فكل ذات في المخلوقات أكمل من هذه الذَّات، فاستفدت بنفيك هذا التركيب كفرك بالله وجحدك لذاته وصفاته وأفعاله، فكان اسم التركيب ملقيًا لك في أعظم الكفر، وموجبًا لك (١) أشد التعذيب.

الثَّالث: تركيب الماهية الجسمية من الهيولى (٢) والصورة كما يقوله الفلاسفة.

الرَّابع: تركيبها (٣) من الجواهر الفردة (٤) كما يقوله كثيرٌ من أهل الكلام.

الخامس: تركيب الماهية من أجزاء كانت متفرقة فاجتمعت وتركبت.

فإن أردت بقولك: «لو كان فوق العرش لكان مركبًا» ما تدعيه الفلاسفة والمتكلمون، قيل لك: جمهور العقلاء عندهم أن الأجسام المحدثة المخلوقة ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا، فلو كان فوق العرش جسمٌ مخلوقٌ محدثٌ لم يلزم أن يكون مركبًا بهذا الاعتبار، فكيف يلزم ذلك في حقِّ خالق المفرد والمركب، الذي يجمع المتفرق ويُفرِّق المجتمع، ويُؤلِّف بين الأجزاء فيُركبها كما يشاء؟!

والعقل إنما دلَّ على إثبات إلهٍ واحدٍ وربٍّ واحدٍ لا شريك له ولا شبيه له، ولم يدل على أن ذلك الربَّ الواحد لا اسم له، ولا صفة له، ولا وجه ولا


(١) «ح»: «لكي».
(٢) تقدم (ص ٥٤٥) تعريفه.
(٣) «ح»: «تركبها». والمثبت من «م».
(٤) تقدم (ص ٥٨٤) تعريفه.