للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومن ذلك لفظ العدل، جعلته القدرية اسمًا لإنكار قدرة الربِّ على أفعال عباده وخلقه لها ومشيئته، فجعلوا إخراجها عن قدرته ومشيئته وخلقه هو العدل (١)، وجعل سلفهم إخراجها عن تقدم علمه وكتابته من العدل، وسَمَّوْا أنفسهم بالعدلية، وعَمَدوا إلى إثبات عموم قدرته على كل شيءٍ من الأعيان والأفعال وخلقه لكل شيءٍ وشمول مشيئته له فسمَّوْه جبرًا (٢)، ثم نفوا هذا المعنى الصحيح، وعبَّروا عنه بهذا الاسم المنكر، وأثبتوا ذلك المعنى الباطل، وعبَّروا عنه بالاسم المعروف، ثم سمَّوْا أنفسهم أهل العدل والتوحيد (٣)، وسمَّوْا مَن أثبت صفات الربِّ وأثبت قَدَره وقضاءه أهل التشبيه والجبر.

وكذلك فعل الرَّافضة سواءً، سَمَّوْا موالاة الصَّحابة نَصْبًا، ومعاداتهم موالاةً لأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكذلك المرجئة سمَّوْا من قال في الإيمان بقول الصَّحابة والتَّابعين واستثنى فيه، فقال: أنا مؤمن إن شاء الله (٤) = شكَّاكًا.

وهكذا شأن كل مبتدعٍ وملحدٍ، وهذا ميراث مِن تسمية كفار قريشٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الصَّبَأة، وصار هذا ميراثًا منهم لكل مبطلٍ وملحدٍ


(١) «ح»: «العقل». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «حيزًا». وهو تصحيف، والمثبت من «م».
(٣) هم المعتزلة، لقبوا أنفسهم بذلك. وينظر «بدائع الفوائد» للمصنِّف (٢/ ٦٤٨).
(٤) ينظر مسألة الاستثناء في الإيمان في كتاب «الإيمان» لابن تيمية (ص ٣٣٤ - ٣٥٩).