للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما (١): قوله: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} فهذه هي الصُّغرى، والكبرى محذوفةٌ، تقديرها (٢): والفاضل لا يسجد للمفضول، وذكر مستند المقدمة الأولى، وهو أيضًا قياس حملي حذف إحدى مقدمتيه فقال: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: ١١].

والمقدمة الثَّانية: كأنها معلومةٌ، أي: ومن خُلق من نارٍ أفضل ممَّن خُلق من طينٍ، فهما قياسان متداخلان، وهذه يُسميها المنطقيون الأقيسة المتداخلة:

فالقياس الأول هكذا: أنا خيرٌ منه، وخير المخلوقين لا يسجد لمن هو دونه، وهذا من الشكل الأول.

والقياس الثَّاني هكذا: خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ، والمخلوق من النَّار خيرٌ من المخلوق من الطين، فنتيجة هذا القياس العقلي: أنا خير منه. ونتيجة الأول: ولا ينبغي لي أن أسجد له.

وأنت إذا تأمَّلت مادة هذا القياس وصورته رأيته أقوى من كثيرٍ من قياساتهم التي عارضوا بها الوحي، وقدَّموها عليه، والكل باطل.

وقد اعتذر أتباع الشيخ (٣) له بأعذارٍ:

منها: أنه لمَّا تعارض عنده العقل والنقل قدَّم العقل.

ومنها: أن الخطاب بصيغة الضمير في قوله: {اِسْجُدُوا} [البقرة: ٣٣] ولا عموم له؛ فإن الضمائر ليست من صيغ العموم.


(١) «ح»: «أحدهما». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «بتدبرها». والمثبت من «م».
(٣) يعني: إبليس لعنه الله.