للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء أفضل متأخريهم (١) فنصب على حصون الوحي أربعة مناجنيق (٢):

الأول: أنها أدلةٌ لفظيةٌ لا تُفيد اليقين.

الثَّاني: أنها مجازاتٌ واستعاراتٌ لا حقيقة لها.

الثَّالث: أن العقل عارضها، فيجب تقديمه عليها.

الرَّابع: أنها أخبار آحادٍ، وهذه المسائل علمية فلا يجوز أن يُحتج فيها بالأخبار.

ولهذا تجد كثيرًا من هؤلاء لا يحب تبليغ النصوص النبوية أو إظهارها وإشاعتها، وقد يشترطون في أماكن يوقفونها (٣) ألَّا يُقرأ فيها أحاديث الصِّفات، وكان بعض متأخريهم ـ وهو أفضلهم عندهم (٤) ـ كَلِفًا بإعدام كتب السُّنَّة المصنَّفة في الصِّفات وكتمانها وإخفائها (٥).

وبلغني عن كثيرٍ منهم أنه كان يَهُمُّ بالقيام والانصراف عند ختم «صحيح البخاري» وما (٦) فيه من التوحيد والردِّ على الجهمية، وسُمع منه الطعن في


(١) يعني: الفخر الرازي.
(٢) كذا في «ح»، والمنجنيق يجمع على منجنيقات ومجانق ومجانيق. «المعجم الوسيط» (١/ ١٤٠).
(٣) «ح»: «يقفونها». ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) لم أقف على تسميته.
(٥) وقد اشتهر ذلك عن كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ومدرسته خاصةً، بل لقد حدث هذا مع كتاب «الصواعق المرسلة» نفسه، فلم نجد له نسخة تامة إلى الآن، نسأل الله أن يمنَّ علينا بنسخة تامة منه؛ إنه جواد كريم.
(٦) كذا في «ح»، ولعل الأنسب «لما».