للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاد الإسلام في الشرق والغرب، وكاد الإسلام أن ينهدَّ ركنه؛ لولا دفاع الذي ضمن حفظه إلى أن يرث الأرض ومن عليها.

ثم خمدت دعوة هؤلاء في المشرق، وظهرت من المغرب قليلًا قليلًا حتى استفحلت وتمكنت، واستولى أهلها على كثيرٍ من بلاد المغرب، ثم أخذوا يطوون البلاد حتى وصلوا إلى بلاد مصر، فملكوها، وبنوا بها القاهرة، وأقاموا على هذه الدعوة مُصرِّحين بها غير متحاشين (١) منها، هم وولاتهم وقضاتهم وأتباعهم. وفي زمانهم صُنِّفت «رسائل إخوان الصفا» (٢) و «الإشارات» (٣) و «الشفا» وكُتب ابن سينا، فإنه قال: كان أبي من أهل الدعوة الحاكمية.

وعُطلت في زمانهم السُّنَّة وكتبها والآثار جملة إلَّا في الخفية، بحيث يكون قارئها وذاكرها وكاتبها على أعظم خطر. وشعار هذه الدعوة تقديم العقل على الوحي، واستولوا على بلاد الغَرْب (٤) ومصر والشَّام والحجاز، واستولوا على العراق سنة، وأهل السُّنَّة فيهم كأهل الذِّمَّة بين المسلمين، بل


(١) «ح»: «محاسين». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (٤/ ٧٩) عنه: «صنَّفه جماعة في دولة بني بويه ببغداد، وكانوا من الصابئة المتفلسفة المتحنفة، جمعوا بزعمهم بين دين الصابئة المبدلين وبين الحنيفية، وأتوا بكلام المتفلسفة وبأشياء من الشريعة، وفيه من الكفر والجهل شيءٌ كثيرٌ، ومع هذا فإن طائفة من الناس ـ من بعض أكابر قضاة النواحي ـ يزعم أنه من كلام جعفر الصادق، وهذا قول زنديق، وتشنيع جاهل».
(٣) «إشارات ابن سينا» يعرف جمهور المسلمين الذين يعرفون دين الإسلام أن فيها إلحادًا كثيرًا. «منهاج السنة النبوية» (٥/ ٤٣٣).
(٤) «م»: «المغرب».