للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي لا يُدرك إلَّا من جهة الرُّسل، وأخص منه الكتاب الذي أنزله الله على رسوله، فإن الهدى قد يكون كتابًا وقد يكون سُنةً (١).

وهذه الثلاثة منتفية عن هؤلاء قطعًا. أمَّا الكتاب والهدى المأخوذ عن الرُّسل فقد قالوا: إنه لايفيد علمًا ولا يقينًا، والمعقول يعارضه. فقد أقروا أنهم ليس معهم كتابٌ ولا سُنةٌ، وبقي العلم، فهم يدَّعونه، والله تعالى قد نفاه عنهم، وقد قام البرهان والدليل العقلي المستلزم لمدلوله على صدق الربِّ في خبره، فعُلم قطعًا أن هذا الذي عارضوا به الوحي ليس بعلمٍ؛ إذ لو كان علمًا لَبَطَل دليل العقل الدَّالِّ على صدق الربِّ تعالى في خبره، فهذا يكفي في العلم بفساد كون ما عارضوا به علمًا. فكيف وقد قام الدليل العقلي الصحيح المقدمات على فساد تلك المعارضة، وأنها تخص الجهل المركب؛ فكيف وقد اتفق على فساد تلك المعارضة العقل والنقل. ونحن نطالب هؤلاء المعارضين بواحدة من ثلاثٍ: إمَّا كتابٍ مُنزَّلٍ، أو أثارةٍ من علمٍ يُؤثر عن نبيٍّ من الأنبياء، أو معقولٍ صحيح المقدمات قد اتفق العقلاء على صحة مقدماته.

وهم يعلمون ـ والله شهيدٌ عليهم ـ بأنهم عاجزون عن (٢) هذا وهذا. [أفنترك] (٣) ما علمناه من كتاب ربنا، وسُنة نبينا، ونزل به جبريل من ربِّ العالمين على قلب رسوله الأمين بلسانٍ عربيٍ مبينٍ؛ لوحي الشياطين، وشُبَه الملحدين، وتأويلات المعطِّلين؟!


(١) «ح»: «شبه». وهو تصحيف.
(٢) «ح»: «على».
(٣) «ح»: «فترك». والمثبت ليستقيم الكلام.