للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فما الفرق بين الصِّنف الأول الذي يجادل في الله بغير علمٍ ويتَّبع كل شيطانٍ مريدٍ، والصنف الثَّاني الذي يجادل في الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ، كما ذكرهم سبحانه صنفين؟

قيل: قد ذكر سبحانه ثلاثة أصناف:

صنفًا يجادل في الله بغير علمٍ ويتَّبع كل شيطانٍ مريدٍ مكتوبًا عليه إضلال مَن تولاه، وهذه حال المتَّبِع لأهل الضلال.

وصنفًا يجادل في الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ ثاني عِطْفِه ليُضِلَّ عن سبيله (١)، وهذه حال المتبوع المستكبر الصادِّ عن سبيل الله.

فالأول حال الأتباع، والثَّاني حال (٢) المتبوعين.

ثم ذكر حال من يعبد الله على حَرْف، وهذه حال المتَّبِع لهواه، الذي إن حصل له ما يهواه من الدنيا عَبَدَ الله، وإن أصابه ما يُمتحَن به في دنياه ارتد عن دينه، وهذه حال من كان مريضًا في إرادته وقصده، وهي حال أهل الشهوات والأهواء، ولهذا ذكر ذلك في العبادة [التي] (٣) أصلها القصد والإرادة.

وأمَّا الأولان فحال الضالِّ والمضل، وذلك مرضٌ في العلم والمعرفة، وهي حال أهل الشُّبهات والنظر الفاسد والجدال بالباطل. والله سبحانه


(١) في قوله تعالى: {وَمِنَ اَلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اِللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (٨) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيَضِلَّ عَن سَبِيلِ اِللَّهِ لَهُ فِي اِلدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَذَابَ اَلْحَرِيقِ} [الحج: ٨ - ٩].
(٢) «ح»: «حالة».
(٣) ليس في «ح»، وأثبته ليستقيم الكلام.