للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم من المعلوم الواضح أن التحقيق الذي ينبغي أن يرجع إليه في صحة التوحيد من الإقرار بالصَّانع موحدًا مقدسًا عن الكم والكيف والأين والمتى والوضع والتغير، حتى يصير الاعتقاد به أنه ذاتٌ واحدةٌ، لا يمكن أن يكون لها شريك في النوع، أو يكون لها جزءٌ وجودي كمي أو معنوي، ولا يمكن أن تكون خارجة عن العالم ولا داخلة فيه، ولا حيث تصح الإشارة إليه بأنه هنا أو هناك = ممتنع إلقاؤه إلى الجمهور، ولو أُلقيَ هذا على هذه الصورة إلى العرب العاربة أو العبرانيين الأجلاف لسارعوا إلى العناد، واتفقوا على أن الإيمان المدعو إليه إيمانٌ بمعدومٍ لا وجود له أصلًا، ولهذا ورد ما في التوراة تشبيهًا كله.

ثم إنه لم يرد في الفرقان من الإشارة إلى هذا الأمر الأهم شيءٌ، ولا أتى بصريح (١) ما يحتاج إليه في التوحيد بيانٌ مفصلٌ، بل أتى بعضه على سبيل التشبيه في الظَّاهر، وبعضه جاء تنزيهًا مطلقًا عامًّا جدًّا لا تخصيص ولا تفسير له. وأمَّا الأخبار التشبيهية فأكثر من أن تُحصى، ولكن لقومٍ ألَّا يقبلوها (٢)، فإذا كان الأمر في التوحيد هكذا (٣) فكيف بما (٤) هو بعده من الأمور الاعتقادية. ولبعض النَّاس أن يقولوا: إنَّ للعرب توسُّعًا في الكلام ومجازًا، وإن الألفاظ التشبيهية مثل الوجه واليد والإتيان (٥) في ظُلل من


(١) «ح»، «م»: «إلى تصريح». والمثبت من «الرسالة الأضحوية».
(٢) «ح»: «يقبلوه». والمثبت من «م».
(٣) «ح»، «م»: «هذا». والمثبت من «الرسالة الأضحوية».
(٤) في «الرسالة الأضحوية»: «فيما».
(٥) «ح»: «الإثبات». والمثبت من «م»، و «الرسالة الأضحوية».