للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغمام والمجيء والذهاب والضحك والحياء والغضب صحيحةٌ، ولكن هي مستعملة استعارة ومجازًا».

قال: «ويدل على استعمالها غير مجازيةٍ ولا مستعارةٍ بل محققةً أن المواضع التي يوردونها حجةً في أن العرب تستعمل هذه المعاني بالاستعارات والمجاز على غير معانيها الظَّاهرة = مواضعُ في مثلها يصلح أن تُستعمل على غير هذا الوجه ولا يقع فيها تلبيس ولا تدليس.

وأمَّا قوله: {فِي ظُلَلٍ مِّنَ اَلْغَمَامِ} (١) [البقرة: ٢٠٨] وقوله: {* هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ اُلْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: ١٥٩] على القسمة المذكورة وما جرى مجراه، فليس (٢) ممَّا (٣) تذهب الأوهام فيه البتة إلى أن العبارة مستعارة أو مجازية، فإن كان أُريد فيها ذلك إضمارًا فقد رضي بوقوع الغلط والتشبيه والاعتقاد المعوج بالإيمان بظاهرها تصريحًا.

وأمَّا قوله: {يَدُ اُللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠] وقوله: {مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اِللَّهِ} [الزمر: ٥٣] فهو موضع الاستعارة والمجاز والتوسع في الكلام، ولا يَشك في ذلك اثنان من فصحاء العرب، ولا يلتبس على ذي معرفةٍ في لغتهم كما يلتبس (٤) في تلك الأمثلة؛ فإن هذه الأمثلة لا تقع شبهةٌ في أنها مستعارةٌ مجازيةٌ، كذلك في تلك لا تقع شبهةٌ في أنها ليست استعارية،


(١) الآية بتمامها: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اُللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ اَلْغَمَامِ}.
(٢) «ح»: «تلبس». والمثبت من «م» و «الرسالة الأضحوية».
(٣) «مما» ليس في «الرسالة الأضحوية».
(٤) «ح»: «تلبس». «م»: «تلتبس». والمثبت من «الرسالة الأضحوية».