للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريعة، وليس التصريح المُعمَّى أو المُلبَّس أو المقتصَر فيه بالإشارة والإيماء، بل (١) التصريح المستقصى [ق ٧٨ ب] فيه والمنبَّه عليه، والموفَّى حق البيان والإيضاح والتعريف على معانيه، فإن المبرزين (٢) المنفقين أيامهم ولياليهم وساعات عمرهم على تمرين أذهانهم وتزكية أفهامهم وترسيخ نفوسهم لسرعة الوقوف على المعاني الغامضة يحتاجون في تفهُّم (٣) هذه المعاني إلى فضل بيانٍ وشرح عبارة، فكيف غُتْم (٤) العبرانيين وأهل الوبر من العرب.

لعمري لو كلف الله رسولًا من الرُّسل أن يلقي حقائق هذه الأمور إلى الجمهور من العامة الغليظة طباعهم المتعلقة بالمحسوسات الصرفة أوهامهم، ثم سامه (٥) أن ينتجز (٦) منهم الإيمان والإجابة غير متمهَّلٍ فيه، وسامه أن يتولى رياضة نفوس النَّاس قاطبة حتى يستعد للوقوف عليها = لكلَّفه شططًا، وأن يفعل ما ليس في قوة البشر، اللهم إلَّا أن تدركهم خاصة إلهية، وقوة علوية، وإلهام سماوي، فتكون حينئذٍ وساطة الرَّسول مستغنًى عنها، وتبليغه غير محتاجٍ إليه.


(١) بعده في «ح»: «بلى». وهي زائدة عن السياق.
(٢) «ح»: «المبرين». والمثبت من «م» و «الرسالة الأضحوية».
(٣) «ح»: «تفرسهم». والمثبت من «م» و «الرسالة الأضحوية».
(٤) «ح»: «قتم». وفي «الرسالة الأضحوية»: «غشم». والمثبت من «م». والغُتمة: العجمة، والأغتم: الذي لا يفصح شيئًا، والجمع غُتْم. «الصحاح» (٥/ ١٩٩٥).
(٥) أي: حمله عليه وطلبه منه. «مشارق الأنوار» (٢/ ٢٣٠).
(٦) «ح»: «منجز». والمثبت من «م» و «الرسالة الأضحوية».