للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما جاء به، ولا يقبل الله من أحدٍ دِينًا يَدِينه به إلَّا أن يكون موافقًا لدينه. وقد نزَّه سبحانه وتعالى نفسه عمَّا يصفه به العباد، إلَّا ما وصفه به المرسلون (١) فقال: {سُبْحَانَ اَللَّهِ عمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اَللَّهِ اِلْمُخْلِصِينَ} [الصافات: ١٥٩ - ١٦٠] قال غيرُ واحدٍ من السلف: هم الرُّسل (٢).

وقال الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ اِلْعِزَّةِ عمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَاَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اِلْعَالَمِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢] فنزَّه نفسَه عمَّا يصفه به الخلقُ، ثم سلَّم على المرسلين؛ لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب، ثم حمد نفسَه على تفرُّده بالأوصاف التي يستحق عليها كمال الحمد.

الإسلام والرعيل الأول، ثم فَرَق على أثرهم التابعون (٣)، وتَبِعهم على منهاجهم اللاحقون، يوصي بها الأولُ الآخِرَ، ويقتدي فيه اللاحقُ بالسابق، وهم في ذلك بنبيهم مقتدون، وعلى منهاجه سالكون، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اَللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اِتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]. فـ {مَنِ اِتَّبَعَنِي} إن كان عطفًا على الضمير في {أَدْعُوا


(١) «ح»: «ما وصف به المرسلين». وهو يقلب المعنى.
(٢) لم نقف عليه، وقال ابن كثير في «تفسيره» (٧/ ٤٢): «وقوله: {سُبْحَانَ اَللَّهِ عمَّا يَصِفُونَ} أي: تعالى وتقدس وتنزَّه عن أن يكون له ولدٌ، وعمَّا يصفه به الظالمون الملحدون علوًّا كبيرًا، وقوله: {إِلَّا عِبَادَ اَللَّهِ اِلْمُخْلِصِينَ} استثناء منقطع، وهو من مُثبَت، إلا أن يكون الضمير في قوله: {عمَّا يَصِفُونَ} عائدًا إلى جميع الناس، ثم استثنى منهم المخلِصين، وهم المتَّبِعون للحق المنزَل على كل نبي ومرسَل».
(٣) أي: فزعوا ومضوا على أثرهم، ينظر «زاد المعاد» للمصنِّف (٣/ ٨٦٤).