للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتضمنت هذه الكلمة إثبات صفات الكمال الذي أثبته لنفسه (١)، وتنزيهه عن العيوب والنقائص والتمثيل، وأنَّ ما وصف به نفسه فهو الذي يوصف به، لا ما وصفه به (٢) الخلق، ثم قال: «والحمد لله الذي لا يُؤدَّى شكرُ نعمةٍ من نعمه إلَّا بنعمةٍ منه تُوجب على مُؤدِّي شكرِ ماضي نعمه بأدائها نعمةً حادثةً يجب عليه شكرُه بها» (٣). فأثبت في هذا القدر أنَّ فِعل الشكر إنَّما هو بنعمته على الشاكر، وهذا يدل على أنه - رحمه الله - مثبتٌ للصفات والقدر.

وعلى ذلك درَجَ يَزَكُ (٤) الإسلام والرعيل الأول، ثم فَرَق على أثرهم التابعون (٥)، وتَبِعهم على منهاجهم اللاحقون، يوصي بها الأولُ الآخِرَ، ويقتدي فيه اللاحقُ بالسابق، وهم في ذلك بنبيهم مقتدون، وعلى منهاجه سالكون، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اَللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اِتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]. فـ {مَنِ اِتَّبَعَنِي} إن كان عطفًا على الضمير في {أَدْعُوا


(١) «ح»: «لرؤيته».
(٢) «به». سقط من «ح».
(٣) «الرسالة» (ص ٧ - ٨).
(٤) «ح» يزل. باللام، واليزك: كلمة فارسية معناها حرس الطليعة. «تكملة المعاجم العربية» (١١/ ١١٨) وقد استعملها المصنِّف ـ رحمه الله تعالى ـ في «النونية» وبيَّن معناها فقال:
٢٤٣٧ قومٌ أقامهم الإلهُ لحفظ هذا الـ ... ـدين من ذي بدعةٍ شيطانِ
٢٤٣٨ وأقامهم حرسًا من التبديل ... والتحريف والتتميم والنقصانِ
٢٤٣٩ يَزَك على الإسلام بل حصن له ... يأوي إليه عساكر الفرقان
(٥) أي: فزعوا ومضوا على أثرهم، ينظر «زاد المعاد» للمصنِّف (٣/ ٨٦٤).