للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى اَللَّهِ} فهو دليلٌ أنَّ أتباعه هم الدعاة إلى الله، وإن كان عطفًا على الضمير المنفصل فهو صريح أنَّ أتباعَه هم أهل البصيرة فيما جاء به دون من عداهم (١). والتحقيق أن العطف يتضمَّنُ المعنيين، فأتباعه هم أهل البصيرة الذين يدعون إلى الله.

وقد شهِد سبحانه لمن يرى أن ما جاء به من عند الله هو الحقُّ لا آراء الرجال بالعلم، فقال تعالى: {وَيَرَى اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْعِلْمَ اَلَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ اَلْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ اِلْعَزِيزِ اِلْحَمِيدِ} [سبأ: ٦]. وقال تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ اَلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد: ٢١]. فمن تعارَضَ عنده حقائقُ ما جاء به وآراء الرجال، فقدَّمها عليه أو (٢) توقَّف فيه، أو قدحت في كمال معرفته وإيمانه به؛ لم يكن من الذين شَهِد الله لهم بالعلم، ولا يجوز أن يُسمَّى بأنه من أهل العلم.

فكيف يكون الداعي إلى الله على بصيرةٍ ـ الذي وصفه الله بأنه سراجٌ منيرٌ (٣)، وبأنه هادٍ إلى صراطٍ مستقيم (٤)، وبأنَّ من اتبع النور الذي أنزل معه فهو المفلح لا غيره (٥)، وأنَّ من لم يُحَكِّمْه في كل ما ينازع فيه المتنازعون


(١) ذكَر القولين في تفسير الآية: الواحدي في «البسيط» (١٢/ ٢٦٣)، والبغوي في «معالم التنزيل» (٤/ ٢٨٤).
(٢) «ح»: «إذا».
(٣) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اَللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} [الأحزاب: ٤٥ - ٤٦].
(٤) في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٤٩].
(٥) في قوله تعالى: {فَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاَتَّبَعُوا اُلنُّورَ اَلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: ١٥٧].