للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستماعه وأَذَنه لِحَسَنِ الصوت إذا تلا كلامه (١)، وخلقه ما شاء بيده، وكتابته كلامَه بيده، ويصفه بالإرادة والمشيئة والقوة والقدرة والحياة والحياء، وقبض السماوات وطيها بيده، والأرض بيده الأخرى، ووضعه السماوات على إصبع، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع.

وإلى أضعاف ذلك ممَّا إذا سمعه المعطلة سبَّحوا الله ونزهوه جحودًا وإنكارًا، لا إيمانًا وتصديقًا.

فما ضحك منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبًا وتصديقًا لقائله (٢) يعبس منه هؤلاء إنكارًا وتكذيبًا. وما شهد لقائله بالإيمان، شهد هؤلاء له بالكفر والضلال.

وما أوصى بتبليغه إلى الأُمة وإظهاره يُوصي هؤلاء بكتمانه وإخفائه. وما أطلقه على ربِّه لئلا يُطْلَق عليه ضدُّه ونقيضُه، يُطْلِق هؤلاء عليه ضدَّه ونقيضَه؛ لئلا يُطْلَق هو عليه. وما نزَّه ربَّه عنه من العيوب والنقائص، يمسكون عن

تنزيهه عنه، وإن اعتقدوا أنه منزَّه عنه، ويبالغون في تنزيهه عمَّا وصف به نفسه.

فتراهم يبالغون أعظم المبالغة في تنزيهه عن علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وتكلُّمه بالقرآن حقيقة، وإثبات الوجه واليد والعين له = ما لا يبالغون مثله ولا قريبًا منه في تنزيهه عن الظلم والعبث (٣) والفعل (٤)


(١) أخرج البخاري (٥٠٢٤) ومسلم (٧٩٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». ومعناه: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن، أي يتلوه يجهر به. «النهاية في غريب الحديث» (١/ ٣٣).
(٢) في حديث ابن مسعود المتفق عليه، وقد تقدم تخريجه (ص ٢٠٩).
(٣) «ح»: «والعيب». والمثبت من «م»
(٤) «ح»: «والعقل». والمثبت من «م».